ثلاثي اضواء العروبة ومعركة “تحرير قطر”

بن زايد وبن سلمان

(لن ننتظر حتى تصبح المعركة في السعودية ، بل سنعمل لتكون المعركة عندهم في إيران) ، تلك كانت إجابة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في معرض رده على سؤال بشأن علاقة الرياض مع طهران قبل نحو ثلاثة أشهر من الآن . وبالفعل ، فقد صدق بن سلمان ونقل المعركة مع الجيش الفارسي إلى (قلب بغداد) عندما حقق إختراقاً ستراتيجياً جباراً بإستقباله تباعاً لوزير الداخلية العراقي ثم السيد مقتدى الصدر قبل أن يتوجه الأخير إلى شيوخ الإمارات لنفس الغرض : محاربة إيران في عقر دارها ، ولكي يكتمل المشهد الملحمي فلا بد من دخول وزير خارجية البحرين إلى بغداد فاتحاً ليرفع لواء العروبة على سور المنطقة الخضراء؛ ومع إن الدوحة التي تحتلها قوات الحرس الثوري الإيراني بحسب إعلام الأشقاء المحاصِرين ، مع إنها أقرب جغرافياً إلى ثلاثي أضواء العروبة من بغداد ، فقد فضل هذا الثلاثي بجيشه العرمرمي أن يستخدم في خطة تحرير قطر تكتيك الإلتفاف بالزحف أولا إلى العراق وتحرير بغداد من قبضة الفرس ثم التقدم جنوباً وتناول العشاء في الكويت قبل ركوب البحر والإغارة على قطر المحتلة فيما وجه الحرس الثوري الإيراني إلى الحدود البرية القطرية السعودية وظهره مكشوف إلى مياه الخليج حيث المفاجأة العروبية القاتلة القادمة .

 

وبانتظار أن تصل طلائع جيش ثلاثي أضواء العروبة إلى موانئ قطر لا بأس على القطريين من أن يرفهوا عن أنفسهم بالتفرج على شبكة قنوات العربية وسكاي نيوز عربية وهي تلقي الضوء على عديد خسائر الإحتلال الإيراني وكيف أن الحصار الثلاثي راح يؤثر سلباً في معنويات الجنود الفرس المنتشرين في شوارع الدوحة ، كما يمكن للقطريين ولمزيدٍ من التسلية وقتل الوقت أن يسهروا على تغريدات الفريق التويتري الركن ضاحي خلفان ففيها من الفكاهة ما يغني عن كل مجلدات النكات العالمية ، وإذا ظلوا صامدين ولم يغشى عليهم من فرط الضحك على خزعبلات خلفان فيمكنهم أن يتحولوا إلى تغريدات الثقل السياسي والحزم الستراتيجي والجَد الدبلوماسي كما هي لدى الوزير الإماراتي أنور قرقاش وهو يفصّـل على الخريطة التويترية الحربية خطة سير المعركة السياسية بالتوازي مع المعركة العسكرية لتحرير بغداد (ثم الدوحة) من نير الإحتلال الفارسي كما في قوله : “التحرك الواعد تجاه العراق الذي يقوده الأمير محمد بن سلمان بمشاركة الإمارات والبحرين مثال على تأثير دول الخليج ( الفارسي ) متى ما توحدت الرؤية والأهداف” . أما إذا أراد القطريون وغيرهم أن يستمعوا إلى ملخص جامع مانع لطبيعة التحرك الثلاثي نحو العراق فما عليهم سوى الإصغاء للفطحل السياسي الأماراتي عبد الخالق عبدالله وهو يغرد : “أهلا بالعراق الذي أدار ظهره للعرب منذ 2003 والراغب الآن في تقوية صلاته بمحيطه العربي عبر أهم عاصمتين الرياض وأبوظبي ، بعيدا عن هيمنة إيران” .

 

أي والله ، كمن يطيش على شبر ماء يتراقص ثلاثي العجب طرباً على أنغام طبول ما يتوهمها (فتوحاته الكبرى) ، وكأن تاريخاً مسجلا من جحودهم بحق عروبة بغداد ستشطبه مجرد زيارة لمقتدى الصدر إلى السعودية ثم الإمارات مع أن الجميع يعلم أن الصدر تخرج من حوزة قم لا من حوزة النجف وأنه تتلمذ هناك لأكثر من أربع سنوات لنيل شهادته الفقهية تحت عباءة (الولي الفقيه) ناهيك عن أنه ينام على موقف ويصبح على نقيضه كما تقول سيرته السياسية المعروفة التي لم تبشـر يوماً بمشروعٍ عابر للطائفية إلى رحاب الهوية الوطنية العراقية الجامعة بإطارها القومي العربي ، ولعل هذا هو مفتاح سـر الإحتفاء به في عواصم التقهقر العروبي والتمترس الطائفي ، فتاريخنا العربي المعاصر لم يلحظ في مجمل محطاته المفصلية توجهاً سعودياً أو إماراتياً أو بحرينياً ذو جوهر قومي عروبي وحدوي ، بل على النقيض من ذلك فقد إنخرط هذا الثلاثي في جيش العداوة المناهض للفكرة القومية العربية بفكرة وسيف الإرتداد إلى الخندق الطائفي الدوني المتماهي مع طائفية مقتدى الصدر وأمثاله ممن يتصدرون الآن عربياً المشهد الطائفي البشع بشقيه الشيعي والسني ، فيما إيران ذات الهوية القومية الفارسية الأصيلة المتأصلة أباً عن جد تتفرج علينا وتضحك ملء شدقيها تاركة لنا أن نحصي الأمصار العربية التي دخلت وتدخل تحت جنحيها ، فهي الدولة التي تُسَخـّـر المذهبيين العرب لخدمة مشروعها …، أما عربنا ومن بينهم ثلاثي أضواء العروبة فيفرطون بقوميتهم ويحاربونها لينحدروا إلى التقوقع المذهبي والطائفي ، فعن أي عروبة تتحدث أيها الثور الطائفي الأسود ؟! .

 

مهند بتار