حمودة إسماعيلي: الروهينجا يتبرأون من صور بورما المفبركة ومسلمو العالم لا يزالون متشبثين بالأكاذيب!!

شاهدت صورة لراهب بوذي برداء أحمر يحمل طفلة ميتة ويهرع بها باتجاه ما، لكن ما جذب انتباهي أكثر من المشهد بالصورة هو الجملة المطبوعة عليها بكلامات ملونة وبارزة كأن الأمر يتعلق بإعلان لمسرحية منتظرة : “هذا ما يحدث لأطفال المسلمين في بورما، حسبنا الله ونعم الوكيل، شير حتى تصل لأكبر عدد ممكن”. ولم يكتفي واضع أو واضعوا هذا التعبير الإعلاني التحريضي بهذا؛ بل بنفس الصورة، هناك في زاوية بالأعلى، تم وضع إعلان آخر داخل رسم دائري “كم موحد لله، تعالى على الفيسبوك، إنشرها بقدر حبك لله ورسوله”؛ صارت الصورة أشبه بغلاف شيبس ! والمضحك المبكي في الموقف أن الصورة لا علاقة لها ببورما ! بل تعود لزلزال ضرب التبت قبل 7 سنوات تقريبا، بل جميع الصور التي أُخذت خلال هذه الكارثة حوّلها دعاة الدين وأتباعهم لقضية بورما ! ويكفي أن يكتب الواحد “زلزال التبت” هكذا ببساطة بخانة البحث غوغل حتى يجد كل الصور المنسوبة لبورما من إحراق وتقطيع ورمي الجثث، كلمتان صغيرتان بسيطتان خفيفتان جميلتان قادرتان على كشف حجم الزيف في مهزلة بورما.

ومضمون تلك الصور، كما جاء نقلا عن bbc أن “السلطات الصينية أحرقت جثث حوالي 700 من ضحايا الزلزال الذي ضرب بلدة جيغو في إقليم تشينغهاي شمال غربي الصين وأودى بحياة أكثر من 1400 شخص وتسبب بفقدان المئات وإصابة الآلاف بجروح. وقالت التقارير إن الجثث وُضعت في خندق كبير وأُضرمت فيها النيران بعد أن جرت -مباركتها- على وقع ترانيم الرهبان البوذيين، وذلك في جنازة كبيرة لإحراق الجثث جرى تنظيمها بالقرب من بلدة جيغو. (و)يُشار إلى أن سكان التبت من البوذيين يقومون تقليديا بعمليات دفن لموتاهم يصفونها بـ -الدفن في الأعالي-، وتشمل العملية فرم جثة المتوفي وتقطيعها إلى قطع، ومن ثم تركها على منصة مرتفعة لتلتهمها الجوارح والنسور. لكن السلطات قررت حرق جثث ضحايا الزلزال بسبب المخاوف من تفشي مرض في المنطقة بشكل سريع نتيجة تفسخ الجثث” (تاريخ 18 أبريل 2010).

فإعلانات منخفضي الذكاء في دفاعهم الغبي عن بورما، قاموا بإهانة رهبان التبت الذين تطوعوا بروح إنسانية عالية في كارثة الهزة الأرضية مثلما ذكرت الbbc : “وقد ساهم الرهبان باستخراج العديد من الجثث من تحت الأنقاض”. وقد شاهدت صورة لراهب يعانق طفلة ما تزال على قيد الحياة والرهبان ملتفون حوله لتسهيل عملية إنقاذها، طبعا هذه الصور لا تخدم معاقي الدفاع بورما.

إن أكثر ما يثير الاستغراب في قضية بورما، هو هذا المستوى المتدني في الفهم والرؤية والتفكير الذي يجعل عقل المسلم عاجز عن التفريق بين صور للروهينجا وصور بها لافتات إسبانية أو شعارات برازيلية أو حتى صور لأفارقة ! وصل الأمر حد نشر وتصديق صور لميليشيات أونتي بالاكا و سيليكا ونزاعات أفريقيا الوسطى على أساس أنهم بورما ! يا إلهي فدمج أفارقة بأسيويين إما ينم عن أقصى انخفاض لمستويات الذكاء، أو عن عملية تحوير متعمدة تبرز الإسلام كديانة مبنية على الخبث في الاستدراج والتعاطف.

لقد سبق وكتبت حول هذه القضية، موضحا تاريخ الصراع الدائر بين العرقيات في البورما، مشاكل عرقية سياسية واجتماعية أكثر منها دينية “تنططية” يجد فيها الإسلام فرصة للتغطية عن داعش، هذه العقدة الإسلامية التي لم تستطع أي جهة دينية رسمية تكفيرها لفصلها بشكل واضح عن الإسلام. بهذا فالأحداث الأخيرة هي نتيجة شن “جيش خلاص أركان الروهينجا” هجمات ضد مراكز الشرطة، ليقوم الجيش البورمي كانتقام بإحراق المنازل، وقد نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرا حول القضية، والصورة التي استخدمتها (من خلال مراسلها) هي صورة أناس نازحين، شبيهة نوعا ما بصور النازحين السوريين خلال اشتداد أزمة الثورة السورية، لم تستخدم صور آسيوين يركضون والنيران تلتهمهم كما يفعل معطوبي ومتقاعدي الوعي، وهي الصور التي تعود بالأصل لرهبان التبت الذين أحرقوا أنفسهم طلبا للاستقلال، وقد نشرت cnn تقريرا عنهم سنة 2011.

إن الروهينجا أنفسهم ضاقوا ذرعا بهذا الكم من البهتان والزيف، فكما تناقلت الصحف : “تهيب وكالة أنباء الروهنجيا جميع المهتمين بقضية مسلمي الروهنجيا في بورما بتحري الدقة والموضوعية في نشر الصور، وأن لا يتسرعوا في ‏نشر أي صورة إلا بعد التأكد من حقيقتها وصحة نسبتها إلى القضية والحادثة نفسها.‏ وقد طلبت الوكالة عدة مرات من المتعاطفين مع القضية الروهنجية عدم نشر الصور المكذوبة، مبينة أن هذا الأمر قد يذهب بمصداقية القضية”.‏

هذا دفع بعض الجهات الإعلامية لترويج طرق كشف الصور، سواء عبر تطبيقات أو من خلال نشر الصورة بخانة البحث غوغل لاستخراج المصدر أو كشف بيانات الصورة.