وول ستريت جورنال: أمريكا تتفاوض مع دول عربية لتشكيل قوة تحل محلها في سورية

نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريراً للكاتب مايكل غوردون، يفصح فيه عن أن الولايات المتحدة تبحث مع دول عربية لتشكيل تحالف قوى يحل بدلاً عن القوات الأمريكية المتواجدة في سورية ويساهم بإعادة الاستقرار في الجزء الشمالي الشرقي من البلاد بعد هزيمة تنظيم داعش الإرهابي.

وينقل التقرير، الذي تابعه وترجمه “العربي اليوم”، عن مصادر بارزة في الإدارة الأمريكية، قولها إن مستشار الأمن القومي الأمريكي الجديد، جون بولتون، اتصل قبل فترة بالقائم بأعمال مدير المخابرات المصرية، عباس كمال، لرؤية ما إذا كانت مصر مستعدة للمساهمة في هذه الخطة.

وتكشف “وول ستريت جورنال” في تقريرها، أن هذه المبادرة جاءت بعدما طلبت حكومة دونالد ترامب من السعودية وقطر والامارات العربية المتحدة، المساهمة بدفع مليارات من الدولارات، وبالتحديد 4 مليار دولار، لإعادة استقرار وبناء الجزء الشمالي من سورية، وليس هذا فحسب، وإنما تريد منهم الآن أن يرسلوا قواتهم إلى هناك، بحسب مسؤولين.

ويقول التقرير، إن “تفاصيل المبادرة، التي لم يكشف عنها سابقاً، بدأت بالظهور على السطح في هذه الأيام بعد الضربات الجوية التي نفذتها الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة على الإمكانات الكيماوية التابعة للنظام السوري”.

وترى “وول ستريت جورنال”، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضاق ذرعاً بتكلفة ومدة بقاء القوات الامريكية في سورية، وأشار إلى إمكانية الخروج سريعاً من البلاد عندما أعلن عن تنفيذ ضربات جوية ضد مواقع ومنشآت كيماوية سورية.

وقال ترامب: “لقد طلبنا من شركائنا تحمل مسؤولية أكبر لتأمين منطقتهم، ويتضمن ذلك المساهمة بكميات أكبر من المال”.

ويفيد الكاتب مايكل غوردون في تقريره، أن ترامب تحدث في مطلع الشهر الجاري عن الحاجة لتسريع عملية خروج نحو 2000 جندي أمريكي من سورية، وهي وجهة نظر تلقى معارضة كبيرة من قبل عدد من مستشاري الأمن القومي الذين يخشون أن يؤدي سحب القوات الأمريكية إلى خلق فراغ على الأرض بشكلٍ يفتح المجال للروس والإيرانيين أو وكلائهم أو الجماعات المتطرفة الأخرى لملء ذلك الفراغ.

وينوه التقرير، أن الهدف من وراء المبادرة الحالية يكمن في تجنب خلق فراغ أمني في سورية بعد خروج القوات الأمريكية، ما يترك المجال مفتوحاً سواء أمام تنظيم داعش الإرهابي للعودة مجدداً أو القوات المدعومة من طهران لتعزيز مكانها في البلاد.

وتشير “وول ستريت جورنال”، أن متحدثاً باسم مجلس الامن القومي الأمريكي رفض التعليق على محادثة بولتون مع عباس كامل، الذي يراه الكثيرون بأنه أحد أقوى الرجال في القيادة المصرية الحالية، إلا أن مسؤولين آخرين أكدوا هذه المحادثة، وأن إدارة ترامب طلبت من دول الخليج المساعدة ايضاً.

وينقل التقرير عن أحد المسؤولين في الإدارة الأمريكية: “تم الاتصال بالسعودية وقطر والامارات فيما يتعلق بالدعم المالي، وما هو أهم من ذلك، أن يساهموا مادياً”.

ويفيد الكاتب، أنه تم الاتصال بمتحدث في مكتب الرئاسة المصرية للتعليق ولكن من دون جدوى.

ويستدرك التقرير، أن بعض المسؤولين العسكريين يرون هزيمة تنظيم داعش ودحره من سورية يظل تحدياً، مؤكدين أن أي مبادرة تسعى لتشكيل تحالف قوى عربية لتحل محل القوات الأمريكية ستواجه العديد من العقبات.

وينقل الكاتب عن الباحث في معهد الشرق الأوسط، تشارلز ليستر، قوله إن تجميع قوة جديدة سيمثل تحدياً للسعودية والامارات لكونهما متورطتان عسكرياً في حرب اليمن، فيما ستكون مصر مترددة في حماية مناطق لا تسيطر عليها قوات بشار الأسد.

ويضيف ليستر، أن الدول العربية لن تكون مستعدة لإرسال قواتها إلى سورية إذا لم تحتفظ الولايات المتحدة ببعض الحضور العسكري هناك.

ويفيد الباحث في معهد الشرق الأوسط: “لا يوجد هناك أساس سابق أو ثابت لهذا التشكيل في استراتيجية ناجحة”.

وتشير “وول ستريت جورنال” أن هناك عدة أسئلة حول ما إذا كانت الولايات المتحدة ستُبقي بعض الحضور العسكري في سورية لإنجاح هذه الخطة، خصوصاً أن القوات البرية الأمريكية المتمركزة في سورية إلى جانب القوات الكردية وقوات سوريا الديمقراطية جميعهم محميون بالغطاء الجوي الذي يوفره سلاح الجو الأمريكي.

وتضيف الصحيفة الأمريكية، أن الدور الذي سيناط بسلاح الجو الأمريكي، في حال نفذت هذه الخطة، لا يزال غير واضحاً، وكذلك الحال بالنسبة لمن سيكون المسؤول من بين الدول العربية عن طلب الضربات الجوية الأمريكية في سورية إذا ما دعت الحاجة لذلك في المستقبل.

وينقل الكاتب عن مايكل أوهلان من معهد “بروكينغز”، قوله: “هذه القوة يجب أن تكون قوية لمواجهة الأسد أو إيران إذا سعى أي منهما للسيطرة على مناطق، وربما بمساعدة روسيا”.

ويشير التقرير، أن المسؤولين العسكريين في الولايات المتحدة كانوا يأملون في مطلع السنة الجارية بإنهاء المهمة في سورية في غضون أشهر، والحفاظ على بعض القوات لدعم جهود وزارة الخارجية الأمريكية لإعادة الأمن والاستقرار لمدينة الرقة وغيرها من المناطق التي كانت تحت قبضة تنظيم داعش الإرهابي.

ويؤكد الكاتب، إلا أن الخطة تفككت بسبب مجريات الأمور على الأرض. حيث انسحب المقاتلون الأكراد، الذين يحظون بالدعم الأمريكي، من معركتهم ضد تنظيم داعش وهرعوا نحو مدينة عفرين ومناطق أخرى في شمال سورية لمساندة القوات الكردية ضد الحملة التركية.

ويقول مايكل غوردون، إن “إصرار ترامب على سحب القوات الأمريكية وإعادتهم إلى أرض الوطن بأسرع وقت ممكن ترك مسؤولي إدارته يبحثون عن استراتيجية خروج تنقل العبء من كاهل الولايات المتحدة إلى شركائها في المنطقة”.

ويضيف غوردون، أن الفكرة لفتت انتباه مدير “بلاكووتر يو إس ايه”، إيريك برنس، رجل الأعمال الذي ساعد الاماراتيين والصوماليين على بناء قوات أمنية خاصة.

وقال برنس، يوم الإثنين الماضي، إنه تلقى اتصالات غير رسمية من قبل مسؤولين عرب للحديث حول إمكانية تشكيل قوة أمنية في سورية، ولكنه أشار إلى أنه ينتظر ماذا سيفعله الرئيس ترامب.

ويفيد الكاتب، أن الضبابية تكتنف استعداد مصر لدعم هذه الخطة، خصوصاً في ظل انشغالها بمحاربة التنظيمات المتطرفة في شبه جزيرة سيناء وتأمين حدودها الصحراوية الشاسعة مع ليبيا، والتي تسيطر عليها بعض الميليشيات.

وينوه التقرير، أن مصر لم تنشر قواتها في الخارج منذ أن أرسلت نحو 30 ألف جندي للانضمام إلى التحالف الأمريكي في حرب الخليج الأولى عام 1991، وعبرت في بعض الأحيان عن دعمها للسلطات في دمشق، رغم أنها لم تظهر دعماً لأي طرف دون آخر.

وتختتم “وول ستريت جورنال” تقريرها، بأن هذه ليست المرة الأولى التي تطلب فيها إدارة أمريكية الدعم الإقليمي في الأوضاع الجارية في سورية، حيث دعا أشتون كارتر، وزير الدفاع الأمريكي في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، مراراً لأن تشارك القوات السعودية والإماراتية في الحرب ضد تنظيم داعش ولكن من دون فائدة تذكر.

About Ali Saedi 5893 Articles
Master of Translation and Content Writing